غريب أوي

سبحان من قال في سورة العاديات : " إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ * وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ " --  أي طبع الإنسان على كفران النعمة . قال ابن عباس : " لكنود ، أي: لكفور جحود لنعم الله ". وكذلك قال الحسن . وقال : يذكر المصائب وينسى النعم ....

الإنسان غريب أوي ....

لو اديته علبة شوكولاتة بس أخدت منها واحدة ، بيقعد يقول "ادتني علبة إلا واحدة، ناقصني واحدة ، أنا مسكين ، معنديش الشوكولاتاية دي" !!!... طب حضرتك ناسي يعني ان عندك علبة كاملة ؟؟؟ بتبص ليه على الواحدة اللي ناقصاك مش على العلبة اللي معاك ؟؟؟

أولا يعني ، حضرتك مركز أوي على الحاجة ولا الحاجتين اللي ناقصينك ونااااسي الحاجاااات الكتيرة اللي عندك ؟؟؟ هو دة العدل ؟؟؟ كمان إيش عرفك يعني إن ممكن أوي الشوكولاتاية دي كان طعمها وحش (ما هي متغلفة وانت مش عارف في جوا إيه) ، أو كان منتهي تاريخها ، أو كانت كويسة بس مش ليك !! ممكن هي تنفع لغيرك ، لو انت أكلتها ، هتضرك !!! يعني عشان الواحد دة بيحبك وخايف عليك شالها ، تنسى الشوكولاتات الكتيرة اللي سابهالك ؟؟؟ ليه تدور على الألم وسط السعادة ؟؟ ليه مش راضي تفرح بالعلبة ؟؟؟

هي دي الطريقة اللي بنتعامل بيها مع الله للأسف ...  ولله المثل الأعلى طبعا ، بس أنا قلت يعني ممكن بالتشبيه دة نحس .... 

ربنا ابتلانا بمرض ولا اتنين ولا حتى تلاتة ـ مش هقعد بقى أتكلم عن عظم الأجر وإنهم بيشيلوا الذنوب وبيرفعوا الدرجات في الجنة وبيزودوا الحسنات (لو اتصرفنا ناحيتهم صح) ، بس ربنا منع عننا مئات الأمراض !!! اسأل أي طبيب مختص في حاجة معينة ، العيون مثلا ، يقول لك إن العين لوحدها ممكن يجيلها مئات الأمراض المختلفة ، طب والأذن والفم والأسنان واللسان والشعر والدم والعظام وكل عضو من أعضاءك الداخلية ، القلب والشرايين والمخ والرئتين والطحال والكبد والكلية والمثانة والأمعاء والبانكرياس والعمود الفقري والنخاع الشوكي و و و و و و و و ، ملايين من الخلايا ، يمكن لو خلية واحدة بس اختلت وظيفتها ، الجسم كله يتعب ، حضرتك ناسي آلاف الأمراض اللي ربنا عافاك منها ومركز على الكام ألم/مرض البسيط اللي عندك ؟؟؟

ليه مثلا لو عندك حساسية من أكلة معينة تركز أوي إنك مش قادر تاكل "كذا" وإلا جسمك كله هيوجعك وناسي إنك ممكن تاكل "كل حاجة تانية إلا كذا" !!! حتى لو كنت بتمووووت في ال"كذا" دة ؟؟؟!!!!... 

بعدين يعني حتى مع الأمراض اللي فيك ربنا مانع عنك أمراض بتخلي الواحد نايم طول اليوم ، زي الشلل ، مش دي نعمة ؟؟؟ مش نعمة من الله إن النفس اللي بيدخل ، بيقدر يطلع بسهولة الحمد لله ؟؟ هل شكرت ربنا على كل نفس دخل وطلع ؟؟؟ مش نعمة من ربنا إن الماء اللي بتشربه بيوصل للمعدة ويصفي الجسم ويخرج بالسموم لبرا الجسم بعد ما نظفه ؟؟؟ هل شكرت ربنا على الماء دة ولا إنه قدر ينظف الجسم ويطلع ؟؟ انت تعرف إن في ناس حتى مش قادرين يطلعوا السموم من جسمهم ؟؟؟ مش نعمة إنك بتقدر ترفع إيدك ؟ انت بتتحرك ؟؟ انك بتبتسم ؟؟

ليه لما صباع صغير يتعور ، نفضل مركزين عليه وننسى الصوابع ال19 اللي عندنا السُلام ؟؟؟ ليه بنركز على الحاجات البسيطة أوي الوحشة اللي في حياتنا (واللي احنا شايفينها من وجهة نظرنا الضعيفة إنها وحشة وهي ممكن أوي تكون هي اللي كويسة لينا) وننسى آلاف الحاجات الجميلة ؟؟؟

ليه لو حد مات من أهلنا نركز على موته أوي ونسسى إن ربنا لسة مخلي باقية أهلنا عايشين ؟؟ حتى لو هو أعز واحد علينا ؟؟؟ ليه لو ربنا منع عننا حاجة اداها لناس تانية كتيرة أوي نركز عليها أوي وننسى آلاف (والله آلاف) الحاجات اللي عندنا اللي ممكن أوي هم بيتمنوها بينهم وبين نفسهم ؟؟؟

ليه بنركز على السلبيات في شغلنا وننسى إن في بلايين يتمنوا نصف الشغل دة ولا حتى ربع المرتب اللي بناخده ؟؟؟ 

شوفوا قصة عروة ابن الزبير ... والله لازم نفوق قبل ما ربنا بجد ينزع عننا نعمه وساعتها نحس بجد بمعنى الألم والحرمان ....

أصيب عروة بن الزبير رحمه الله في قدمه؛ فقرر الأطباء قطعها، فقطعت . فما زاد على أن قال: "اللهم لك الحمد فإن أخذت فقد أبقيت، وإن ابتليت فقد عافيت" . فلما كان من الغد ركلت بغلةٌ ابنه محمداً – وهو أحب أبنائه إليه ، وكان شاباً يافعاً – فمات من حينه، فجاءه الخبر بموته، فما زاد على أن قال مثل ما قال في الأولى، فلما سُئِل عن ذلك قال : "كان لي أربعة أطراف فأخذ الله مني طرفاً وأبقى لي ثلاثة، وكان لي سبعةٌ من الولد فأخذ الله واحداً وأبقى لي ستة . وعافاني فيما مضى من حياتي ثم ابتلاني اليوم بما ترون، أفلا أحمده على ذلك ؟!" .

واحنا لو مكانه هنقعد نقول " ليه يا رب اتقطعت رجلي ؟؟ أنا مسكين ما عنديش إلا رجل واحدة ... ليه يا رب ابني مات ؟؟ أنا مسكين ، ابني راح مني" ....

كنت بحسب إن لو الواحد ابتلاه ربنا بحاجة وصبر ، كدة قمة الإيمان ! دة طلع في مرتبة اعلى وهي الرضى ، وأعلى مرتبة هي الشكر !!!!! 
التسخط (حرااام) : تكون متضايق من جواك وكمان بتظهر إنك متضايق "ليه يا رب ؟ اشمعنا أنا ؟؟ دانا بعمل وبعمل وفلان التزامه مش زيي وانت ما ابتلتهوش في أي حاجة "
الصبر (واااجب) : أكون متضايق من جوايا بس ما اشتكتش ، بقول "الحمد لله" وأتمنى زوال الألم ....
الرضى (مستحب) : انشراح الصدر للابتلاء وترك تمني زوال الألم !!!
الشكر (أفضل حاجة) : أفرح زي فرحتي بالنعمة لإني واثق إن كله خير من ربنا !!!! وإنه بيزود حسناتي وبيكفر سيئاتي ....

يا رب سامحنا .... " رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ " ...