عروس البحر الأبيض

عروس البحر الأبيض

Saturday, August 16, 2014

ذات الرداء الأسود :)

هذا عنوان ما كتبته أمووونة عني يوم الأربعاء ، ١٨ أغسطس ٢٠١٠

كنت دائمًا ما ألمحها تعبر مسرعة ردهة الدور الأول بمبنى كهرباء .. برداء طويل يغطي كل جسدها و حجاب يستوفي كل متطلبات الشرع .
لا اعرف ما السبب لكنني كنت أستريح لرؤيتها .. تمنيت دائمًا أن أحادثها و لكنها لم تكن تتوقف .. كانت دائمًا مسرعة جادة تنظر أمامها فقط .. تسائلت كثيرًا عمّا تفكر فيه و هى تمشي مسرعة كذلك .. و لماذا لا تتلفت لتنظر حولها أو ترى من بالردهة كما يفعل الآخرون ..

ذات مرة رأيتها في مكتبة الكلية تجلس أمام حاسوبها المحمول .. و على الشاشة برنامج أزرق اللون- أو هكذا بدا لي من رؤية جانبية -  سأعرف بعدها أنه

Eclipse

كنت أعرف أنها تكبرني لكن لم أعرف بأي قسم كانت .. سمعتها تقول 

debugging

فعرفت أنها بقسم كمبيوتر .. أو خمنت أنها بقسم كمبيوتر و كان تخميني صحيحًا .. 

اعتدت دائمًا أن أراقب الناس و لا يعرفوني .. ربما تجدني غريبة الأطوار و ربما تجدني فضولية ..لكني أحب معرفة كيف يفكر الناس .. و لا أظنني سأعرف هذا أفضل من أن أراقب حركاتهم ..

لكنها كانت مسرعة دائمًا .. أحيانًا كنت أراها وحيدة في المكتبة ..لم أعرف كيف تفكر .. و لا كيف تتكلم .. كل انطباعي عنها كان أنها شخصية جادة للغاية ..


انضممت لقسم كمبيوتر .. و في السنة الأولى تصادف أن جلست خلفها في إحدي محاضرات التنمية البشرية لدكتور عمرو الطويل

سأل هو سؤالًا فأجابت و كانت اجابتها تكشف أنها بقسم كمبيوتر .. انحنيت عليها من الخلف و سألتها - و أنا عالمة بالإجابة - سألتها إن كانت بقسم كمبيوتر ..فلما أجابت بنعم أخبرتها أني أصغرها بعام و في نفس القسم 

 

و ﻷني حادثتها ﻷول مرة كانت سعادتي لا توصف هذا اليوم .. غالبًا هى لا تتذكر هذا الموقف .. إذا كان يصح لي أن أطلق على هذه الجملة موقفًا ..

 

التقيتها مرة أخرى في إجازة نصف العام في محاضرة لدراسة 

Programming using C language

و كان من المصادفة أيضًا أن جلست بجانبها .. ..عرفت يومها أن اسمها فدوى .. اسم جميل .. غير معتاد كصاحبته 

كنت أعرف معظم طلاب السنة الثانية في قسمي .. و أحيانًا كنت أصعد لفصلهم ﻷراهم .. و الحقيقة لم تكن رابطتي قوية بأى منهم  إلا هى .. أو كانت قوية من ناحيتي فقط .. لم أكن أجدها غالبًا .. لكنني كنت أسعد للغاية عندما أجدها ..

 

يومًا ما أمام المسجد وجدتها .. هى و إحدى الفتيات معها في نفس السنة .. كانت عصبية للغاية و عندما سألتها عن السبب أعطتني الإجاية .. و التي لا يهمني ذكرها الآن .. و لكن هذه الإجابة قادتنا إلى الحديث عن النقاب ..

كانت تريد أن تنتقب و ترى النقاب فرضًا .. أخبرتها أن تنتقب إذا شائت و لكنه ليس فرضًا ..

ظلت تردد 

" و ما كان لمؤمن و لا مؤمنة إذا قضى الله  و رسوله أمرًا أن يكون لهم الخيرة "

قالتها بقوة و ظلت ترددها كثيرًا لدرجة أني  شعرت بجسدي يرتد كلما قالتها ..

"و ما كان لمؤمن و لا مؤمنة إذا قضى الله و رسوله أمرًا أن يكون لهم الخيرة "

 

تحدثت كثيرًا عن النقاب و كعادتي حينما أغضب تجنبت النظر لوجهها و حاولت بقدر الإمكان ألا أستمع لها !!

لم أغضب لحديثتها .. و لم أغضب لاختلافها معي.. في هذه الفترة كنت أكره المنتقبات .. لموقف مؤلم حدث لي قبل ذلك 

و أنا أدرك تمامًا أن كرهك لأشخاص معينيي بسبب شخص واحد فيهم هو خطأ كبير و كنت أعرف ذلك حينها .. لكنني من هؤلاء الذين يربطون بين ما يرونه و بين إحساسهم إذا رأوه .. لذلك لم يكن بيدي حيلة ..و إن كنت لم أعامل أى منتقبة بسوء لهذا السبب ..

 

لى صديقات منتقبات لكنهن كن منتقبات قبل حدوث هذا الموقف فكنت معتادة على ذلك .. لكني اعتدت فدوى بدون نقاب .. لذلك كانت فكرة أن تنتقب مثيرة للغضب بالنسبة لي ..

 

و نسيت ما حدث .. و بعد يومين صعدت ﻷراها و لم تكن موجودة .. و عندما سألت عن مكانها أخبروني 

"فدوى انتقبت و لبست أسود .. و هى في المسجد دلوقتي "

عند هذه اللحظة شعرت بسخونة الدم يتصاعد إلى رأسي .. و بساقىّ ترتعشان و أنا أنزل السلم متجهة نحو المسجد..

فدوى انتقبت .. و لم تنتقب فقط بل لبست الأسود .. و هو تمثيل كامل للموقف الذي جعلني أكره المنتقبات في هذه الفترة ..

فدوى انتقبت و لبست السواد .. و ربما سأكرهها طوال عمري .. و سيتلاشى ذلك الارتياح الذي كان يجتاحني حينما أراها ..

وقفت قليلًا ﻷهدأ قبل أن أدخل ﻷراها .. هل أذهب ﻷراها من الأصل ؟ .. 

و في حيرتي هذه وجدت رضوى .. إحدي فتيات السنة الثانية .. و عندما أخبرتها بانتقاب فدوى .. وجدتها تجذبني من يدي و تدخل للمسجد لترى فدوى ..

 

رضوى تحتضن فدوى و تهنئها بالنقاب و أنا أقف من بعيد أراقبها ... و عندما تركتها رضوى أخيرًا .. سنحت لي الفرصة أن أراها فعلًا ..

لم تكن مختلفة .. كانت فدوى .. كدت أقسم أنى أكاد أرى ابتسامتها تنير من خلف نقابها الأسود .. في هذه اللحظة نسيت كرهي للنقاب .. و نسيت تلك الفتاة التي كرّهتني فيه .. و نسيت الموقف و نسيت كل شئ ..

و ابتسمت لها و أنا أخبرها 

"شكلك حلو "

 

---------------------------

 

لفدوى :

و هذه أشياء  لم تعرفيها .. لكني كنت أفكر فيها في الآونة الأخيرة .. 

أشكرك جدًا .. و أنتِ وحشاني  :)

 

 

بالمناسبة هذه ليست فدوى .. هى صورة لفتاة منتقبة وجدتها .. أجدها جميلة :)

No comments:

Post a Comment

comments are always welcomed :)